وقد
تبين أن المترجم لا يليق أن يقتصر على الخبرة ويعتمد على نفسه فحسب، بل هناك أمور
يشترط بها المترجم ليكون مستحقا بأن يطلق عليه أنه "المترجم الحقيقي"،
وقد فصل Neubert(في Al-Farisi :2011)، خمس كفاءات يلزم على المترجم الحرص عليها، وهي:
1.
الكفاءة
الموفرة المجتمعة في المترجم
يجب
على من يرغب في الترجمة أن يكون عنده كفاءة موفرة ويستوفي الأمور التالية :
أ)
الكفاءة في العناصر اللغوية.
اللغات
يتميز بعضها عن بعض. وكذا العربية نقلا عن قول Bloomfield (1961) (Al-Farisi :2011)، أن اللغات تختلف
بعضها كثيرا عن بعض في أمر الكلمات وتحولها أي أن اختلافها في تصريف الكلمات أكثر
من الاختلاف في التراكيب أو النحوية وفي غيرها. فعناصر العربية تتميز عن الأخرى،
فلها مزايا لم يكن غيرها على تلك المزايا. فيجب على المترجم استيعاب عناصر المنقول
منه خاصة، صرفيته ونحويته. فبهما يفهم معنى ظواهر النص، كيف يصل المترجم إلى ما
يتمنى إذا ما عرف معنى كلمات المفردات ووظيفة تصريفها من حالة إلى أخرى، وكيف يصل
إذا ما عرف أيضا وظيفة نحويتها في الجملة العربية؟ على
سبيل المثال أن في العربية تقسيم الأسماء إلى المذكر والمؤنث، فكل منهما يختلف عن
الأخرى في استعمالهما عند دخولهما في التراكيب.
ب)الكفاءة عن مقاصيد الجملة
وأنواع
الجمل تعد من مزايا العربية، وقد عرفنا أن في جملة واحدة لها أغراض متنوعة، مثل أن جملة الأمر لا تقتضي معنى الأمر وقد تكون بمعنى الإرشاد عند البلاغيين. فلذا ينبغي للمترجم أن يفهم أغراض كل نوع من أنواع الجمل.
ج)
الكفاءة
في المادة المترجمة.
ينبغي للمترجم أن يفهم المواد التي يريد أن يترجمها، فلعل
فيها بعض المصطلاحات التي تغيرت معانيها حسب المواد المعينة، مثل الشهادة فتختلف
معناها في علم الفقه وعلم الكلام، إذ معناه في الفقه في مسألة القضية هي شهادة عند
القضية وأما في علم الكلام فشهادة الدخول في دين الإسلام، فلا يصح من أن يترجم نص
الفقه " لا يقبل شهادة فاسق " بمعنى الشهادة في علم الكلام،
فلذلك
اقتضى الأمر على فهم المواد إما بكثرة القراءة والتعلم وإما بغيرها، فعلى سبيل
المثال في فن الحديث يجب على المترجم معرفة بين ضعيف الحديث وصحيحه وحسنه، وما هو
المتفق عليه، وما هو المرفوع، ومن هم رجال الحديث، وما هو المتن والسند، وما إلى
ذلك من مصطلحات الحديث، لكي لا يخطأ في إيصال شيء من أحاديث نبوية في ذهن القارئ.
د)
الكفاءة
في معلومات الحضارة والثقافة
فكما تقدم أن اللغات كلها أحدى نتائج الثقافة، فالثقافة لا يمكن احترازها عن اللغة، فإنها بعض منها، فكيف يفهم معنى ما في لغة من غير فهم ثقافتها؟ فالثقافة هي مجموعة المعارف الإنسانية يكتسبها الإنسان وتؤثر في تفكيره وفهمه للأشياء وفي أخلاقه وعلاقته بالمجتمع والحياة. فبالثقافة يعرف الناس كل شيء ويعبرون عنه بالثقافة. كما أن العرب يعبرون المشرق والمغرب بقولهم المغربين، والشمس والقمر بقولهم القمرين.
ه)
الكفاءة
في نقل النص من لغة إلى أخرى
لم يكن لكل واحد منا كفاءة في فن نقل لغة، وإن كان من
الماهرين في لغتين فأكثر، فإنها ليست من العلوم التي يتلقاه في المدارس أو المعاهد
الدراسية، بل هي عطاء والمهارة، ولا يحصل ذلك إلا لمن يمارس فيه بكثرة القراءة
وتطبيق الترجمة واختيار أساليبها الصالحة واستعاب اللغتين من اختيار المفردات وفهم
معانيها، وفهم عناصرهما اللغوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق